ومضة في زمن فتنة .


ومضة في زمن فتنة .


علي بن سعد الفريدي
علي بن سعد الفريدي
   
كاتب صحفي - مهتم باللسانيات وآدابها

إقرأ المزيد
خطوات إلى الصحراء
عمار يادار .
عيد في زمن كورونا
رحلة إلى لقاح
زمان ينجب أبطالا .
التفاصيل

يعيش البشر في حياتهم منذ خلق أبيهم آدم وأمهم حواء عليهما السلام في بلاء وابتلاء مع الفتن ، مما كبر منها وصغر ، وتلك سنة الله التي أرادها الله في حياته كونا وقدرا وشرعا ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) ، إذن فالحياة بلا فتن شيء محال ، وتدبير ذلك عند خالق الحياة وأهلها سبحانه ، لكن السلوك البشري المراد والمنهجية الحياتية المطلوبة هي التي يعلوها الأمل الجميل والتفاؤلية الرائعة ، وحسن الرجاء بخالق الحياة ومدبرها . إن واجبنا في زمن الفتنة لجام الألسنة ، ولجوء العباد لربهم بكل تضرع ودعاء ،واستشارة العقلاء وذوي الخبرة والذكاء ،إن من البشر عقولا أنارها الله بالعلم والحكمة يدركون زمن إقبال الفتن وإدبارها ، جميل غاية الجمال مجالستهم ومشاورتهم وإرخاء السمع لهم ، هم العلماء والحكماء لايخلو منهم عصر ولامصر ،يعلوهم تاج الوقار بحسن منطقهم وسلوكهم وأدبهم ،هم مدارس بشرية تسير في أرض الله على نور من الله ،ألسنتهم عفاف ،وسلوكهم كفاف ، ونفوسهم كرياح الصبا رقراقة ،وقيمهم أصيلة مشراقة ، وحياتهم تواضع جم ، وآذانهم عن الناعقين صم ، كلامهم غريف عقل ، ومعانيهم ذو ثمن وثقل ، يوجهون الناس بحسن أدب ، ويترفعون عن ذوي التجريح والعطب ، يجتمعون على الحق والحقيقة ،والفائدة الجميلة العميقة ، متآلفون متسامحون ،لايختلفون عند الخلاف ، فلهم قدوات معتبرة من الصحابة الأسلاف .في زمن الفتن ،ابدأ بنفسك إصلاحا لها وضبطا ، لسانك اجعل له خطاما ، وليكن لك من الصالحات وساما ، اترك التحليلات والتفصيلات ، والتوقعات والوقيعات ،والنقد والمنقود ، فلست عن ذلك بمنشود ، ليكن لسانك عسلا جميلا ، وعقلك رزينا ثقيلا ، كن نحلة إنتاج ، لا ذبابة مرض ، أغلق فوهة بركان غضبك ، واردمها بحسن ما قالت الشريعة ،ومافعل رسولها عليه الصلاة والسلام ،إن في زمن الفتن تكثر الثرثرة ، ويزداد كلام المسخرة ، والنتيجة ندامة و حسرة ، في زمن الفتن ترى عضعضة البشر غوارب بعضهم بعضا ، في منهجية شيطانية بغيضة لاتخلو من فساد وإفساد ، وحسد وأحقاد ، وربنا للظالمين بالمرصاد ، ليس كل مايقال في زمن الفتن صريح صحيح ، وليس كل لفظ عن معانيه فصيح ، فشاور العقلاء من أولي الأمر والعلماء ، إذ المشاورة حسم للنزاع والصداع والشقاق والنفاق ، بل تأمل في كلمة ( فتنة ) تجد أن كل حرف تعلوه نقطة بل نقطتان ، فكل حرف في زمن الفتنة وراءه نقط ، إذ ليست كل وسيلة جميلة غايتها نبيلة ، وليست كل غاية نبيلة وسيلتها جميلة ، إن الخسارة في الفتن تكون في رأس المال لا في الربح والأرباح ، فخسارة الأرباح لاتعني الإفلاس ، بل الإفلاس ماكان خطره على رأس المال وجسده ، إن الفتن لها وجوه مقنعة يدرك قناعها ذوي الحكمة والألباب ، فلا ترخ الأسماع لذوي الأطماع ، بل كن هادئا بلطف ، وتأمل سنن الله في كونه ببصيرة عقل ، وهدوء بال ، وحسن فعال ، وكما قيل : ( الخبر في الفتنة ملوث بتهويل ، فلا تمضغه بلسانك حتى تغسله بـ( فتبينوا ) ، إن العبادة المخلصة في زمن الفتنة كهجرة إلى رسول الله الكريم – عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، ولتعلم علم اليقين أن أقدار الله كلها أمور خير للبشر ، ومنهج المسلم معها شكرا إن كانت له ، وصبرا إن كانت عليه ، وأخيرا : تفاءل بحجم السماء ، وكن فرحا بكل ابتلاء ، فالفتن رفعة وتجديد ، وتمحيص وتسديد ، ولكل بلاء وابتلاء أسرار وأخبار ، واعلم أن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه ، فثق بالله ثقة كاملة بحسن توكل لاتواكل ، فالله يحب المتوكلين ، ومن توكل على الله كفاه ووقاه من كل فتنة في كل زمن .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *