مصر تشن ضربات جوية في ليبيا بعد مقتل عشرات الأقباط في هجوم


مصر تشن ضربات جوية في ليبيا بعد مقتل عشرات الأقباط في هجوم



قال الجيش المصري إن قواته الجوية شنت غارات أمس (الجمعة) على معسكرات في ليبيا تقول القاهرة إنها تُستخدم في تدريب متشددين قتلوا عشرات من المسيحيين في وقت سابق أمس.

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمة تلفزيونية إنه أمر بضربات ضد «معسكرات الإرهاب». وأضاف عقب اجتماع أمني «وأنا أكلمكم الآن تم توجيه ضربة قوية جداً» وتوعد باستهداف أي معسكرات في الداخل أو الخارج يجري تدريب مسلحين فيها لضرب مصر. وطالب السيسي بمعاقبة الدول التي تدعم الإرهاب من دون مجاملة أو مصالحة.

وقال الجيش في بيانه الذي أذيع تلفزيونياً «ما زالت العملية العسكرية مستمرة حتى الآن». ونشر الجيش صورة لطيارين يستعدون لتنفيذ الضربات وطائرات حربية وقت الإقلاع.

وقالت مصادر عسكرية مصرية إن ست ضربات وقعت قرب درنة في شرق ليبيا قبيل حلول المساء بعد ساعات من هجوم مسلحين على مجموعة من المسيحيين كانوا في طريقهم إلى دير بصعيد مصر ما أدى إلى مقتل 29 وإصابة 24 آخرين وكان بين الضحايا عدد كبير من الأطفال.

وأعلنت قوات شرق ليبيا أنها شاركت في الغارات الجوية التي شنتها القوات الجوية المصرية في مدينة درنة. وقال المكتب الإعلامي للقوات الجوية لشرق ليبيا في بيان، إن الغارات استهدفت قوات مرتبطة بـ «القاعدة» في عدد من المواقع وستعقبها عملية برية.

وقال أحد المقيمين في درنة إنه سمع دوي أربعة انفجارات قوية وإن الهجمات استهدفت معسكرات تقع حول درنة يستخدمها مقاتلون ينتمون لجماعة «مجلس شورى المجاهدين».

وقال الناطق باسم «مجلس الشورى» محمد المنصوري في تسجيل مصور بُث على الإنترنت، إن الغارات الجوية المصرية لم تصب أياً من معسكرات الجماعة وإنما أصابت مناطق مدنية.

ولم تعلن أي جهة حتى الآن مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع قبل يوم من بدء شهر رمضان. لكنه يأتي بعد سلسلة تفجيرات استهدفت كنائس أعلن تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) مسؤوليته عنها ضمن حملة عنف ضد الأقباط.

وأعاد مؤيدون للتنظيم نشر تسجيلات مصورة كانت بُثت في وقت سابق هذا العام تحرض على العنف ضد المسيحيين في مصر. وفي قرية قريبة تجمع الآلاف في ما بعد لحضور قداس جنائزي تحول إلى احتجاج غاضب ضد تقاعس السلطات عن حماية المسيحيين.

وهتف المشيعيون أثناء سيرهم وهم يحملون صليباً خشبياً ضخماً «يا نجيب حقهم يا نموت زيهم».

*رصاص ودم

وقال شهود إن ملثمين فتحوا النار بعد أن أوقفوا الأقباط الذين كانوا يستقلون حافلة ومركبتين أخريين. وأظهرت لقطات تلفزيونية حافلة عليها فيما يبدو آثار طلقات الرصاص وملطخة بالدم. وشوهدت ملابس وأحذية متناثرة داخل الحافلة وحولها.

وقال شهود إن ثلاث مركبات هوجمت. وأول مركبة أصيبت كانت تقل أطفالاً إلى الدير في إطار رحلة كانت تنظمها الكنيسة ومركبة أخرى كانت تقل أسراً إلى هناك. وصعد المسلحون إلى المركبات وأطلقوا النار على كل الرجال وأخذوا حلي النساء. ثم أطلقوا النار بعد ذلك على سيقان النساء والأطفال.

وعندما فرغ الهواء من إطار إحدى مركبات المسلحين أوقفوا شاحنة كانت تقل عمالاً مسيحيين وقاموا بإطلاق النار عليهم وأخذوا الشاحنة. وقال الشهود إن أحد المسلحين كان يسجل الهجوم على الأقباط بكاميرا فيديو.

ووقع الهجوم على طريق يؤدي إلى دير «الأنبا صموئيل المعترف» في محافظة المنيا التي يقطنها عدد كبير من الأقلية المسيحية.

وفرض رجال شرطة مسلحون طوقاً أمنياً في حين عكف مسؤولون من النيابة العامة والبحث الجنائي على جمع الأدلة ورفع البصمات. وفي وقت لاحق وصلت قوات خاصة مدججة بالسلاح وهي ترتدي أقنعة وسترات واقية من الرصاص.

ونُقل المصابون إلى مستشفيات محلية وجرى نقل البعض إلى القاهرة. وقالت وزارة الصحة إن من بين المصابين طفلين عمر كل منهما عامان.

وندد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالهجوم وقال إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب السيسي والشعب المصري في المعركة لهزيمة الإرهابيين.

ونقل البيت الأبيض عن ترامب قوله في بيان «يخوض الإرهابيون حرباً ضد الحضارة ويجب على كل من يقدرون الحياة مواجهة وهزيمة هذا الشر». وأضاف «تقف أميركا بجانب الرئيس السيسي والشعب المصري كله اليوم وعلى الدوام في معركتنا لهزيمة هذا العدو المشترك».

ودان شيخ الأزهر أحمد الطيب الذي يزور ألمانيا حالياً الهجوم. وقال «حادث المنيا لا يرضى عنه مسلم ولا مسيحي ويستهدف ضرب الاستقرار في مصر». وأضاف «أطالب المصريين أن يتحدوا جميعاً في مواجهة هذا الإرهاب الغاشم».

ودان مفتي الجمهورية شوقي علام الهجوم وقال في بيان إن «هؤلاء الخونة خالفوا القيم الدينية والأعراف الإنسانية كافة بسفكهم للدماء وإرهابهم للآمنين وخيانتهم للعهد باستهدافهم الإخوة المسيحيين الذين هم شركاء لنا في الوطن».

ودان الهجوم رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر القس أندريه زكي، مشدداً على أنه يدين «الأعمال الإجرامية والإرهابية كافة التي تستهدف الأبرياء وتحاول أن تهدد سلامة الوطن». ودانه بطريرك الكنيسة القبطية الكاثوليكية إبراهيم إسحق.

ونددت أيضاً دول عربية بالهجوم، وذكرت «وكالة الأنباء السعودية» نقلاً عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية أن المملكة تدين «وبأشد العبارات الهجوم المسلح في محافظة المنيا المصرية».

ووصفت الإمارات الهجوم بأنه «جريمة إرهابية نكراء» وأصدرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي بياناً قالت فيه «نقف مع مصر الدولة والشعب ضد التطرف والإرهاب».

وذكرت «وكالة الأنباء الكويتية» أن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أرسل برقية تعزية إلى الرئيس المصري يعبر فيها عن تعازيه ومواساته.

وقالت الوكالة إن الأمير أكد «استنكار الكويت وإدانتها الشديدة لهذه الأعمال الإجرامية الشنيعة التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في البلد الشقيق ووقوف الكويت إلى جانب مصر الشقيقة وتأييدها للإجراءات كافة التي تتخذها لمواجهة هذه الأعمال الإرهابية الهادفة إلى زعزعة أمنها واستقرارها».

ودانت البحرين الهجوم وأصدرت وزارة خارجيتها بياناً قالت فيه إنها تدين «بأشد العبارات الاعتداء الإرهابي الذي وقع اليوم في محافظة المنيا في مصر وأسفر عن مقتل وإصابة العشرات، معربة عن خالص التعازي لأهالي وذوي الضحايا وتمنياتها بالشفاء العاجل لجميع المصابين جراء هذا العمل الإجرامي الذي يستهدف ترويع الآمنين وتهديد حياتهم».

وقالت مصادر مجلس الوزراء إن إسماعيل تلقى اتصالاً من نظيره الأردني هاني الملقي الذي أكد مساندة بلاده لمصر في «مكافحة الإرهاب لاجتثاثه من جذوره وتجفيف منابع تمويله».

ودان الرئيس الفلسطيني محمود عباس هجوم المنيا. ونقلت «وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية» (وفا) قوله في بيان إنه يندد «باسمه شخصياً وباسم دولة فلسطين وشعبها، بهذا الحادث الآثم، مؤكداً وقوف شعبنا إلى جانب مصر وقيادتها في حربهم ضد الإرهاب وضد من يحاول خلق الفتنة والمس بالنسيج الاجتماعي».

وندد الناطق باسم حركة «حماس» فوزي برهوم بالواقعة ووصفها بأنها «جريمة بشعة ومدانة بشدة هدفها خلق مناخات طائفية عنصرية تستهدف وحدة شعب مصر وأمنها واستقرارها، والمستفيد الوحيد منها هم أعداء مصر وأعداء الأمة».

وكان 45 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم في تفجيرين انتحاريين استهدفا كنيستين للأقباط الأرثوذكس في مدينتي الإسكندرية وطنطا في نيسان (أبريل). وفي كانون الأول (ديسمبر) أودى تفجير انتحاري استهدف كنيسة ملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في القاهرة بحياة 29 شخصاً.

وأعلن تنظيم «الدولة الإسلامية» مسؤوليته عن الهجمات الثلاثة وأعلن أنه يستهدف المسيحيين المصريين. ويمثل المسيحيون ما يصل إلى عشرة في المئة من سكان مصر البالغ عددهم 92 مليون نسمة وهم بذلك أكبر طائفة مسيحية تقريباً في الشرق الأوسط. ويغلب الأرثوذكس على مسيحيي مصر إذ يوجد فقط حوالى 200 ألف من أتباع الكنيسة الكاثوليكية.

وقال مصدر كنسي في المنيا، إن البابا تواضروس الثاني يتابع الحادث مع أربعة أساقفة في محافظتي المنيا وبني سويف التي جاء منها عدد من الضحايا لزيارة الدير. وقال أسقف مطرانية مغاغة والعدوة في المنيا الأنبا أغاثون للصحافيين، إن إحدى الحافلتين اللتين تعرضتا للهجوم وهي حافلة صغيرة كانت تقل أطفالاً في رحلة إلى الدير.

وكان مستشار لوزارة الصحة أبلغ قناة «النيل للأخبار» إحدى قنوات التلفزيون المصري بأن هناك عدداً كبيراً من الأطفال بين الضحايا. وقالت شاهدة إن عشرات من أقارب الضحايا شاركوا في تظاهرة احتجاج على الهجوم في مدينة مغاغة في المنيا وحاولوا وقف حركة القطارات المارة في المدينة.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *